الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
السعادة الزوجية حلم كل فتاة وامرأة.. السعادة الزوجية أمل يراود خاطر كل زوجة..
السعادة الزوجية مخرج من كل فتن الحياة ومشكلاتها وضغوطاتها..
السعادة الزوجية نبتة تحتاج إلى حماية ورعاية لكي تكبر وتثمر، وتقف في وجه الرياح العاتية..
السعادة الزوجية بناء كبير يحتاج إلى بناء ماهر يضع كل حجر في موضعه بدقة وإتقان.
مدخل
كثير من الزوجات لا يعلمن شيئاً عن قوانين السعادة الزوجية، ولا عن قواعد صناعتها، ولذلك فإنهن يتحطمن على صخرة الفشل الزواجي، فإما أن ينتهي الزواج بالطلاق والإنفصال، وإما أن يستمر الزوجان في زواجهما نتيجة ضغوط اجتماعية أو وجود أبناء يحتاجون إلى رعاية، فتبقى الحياة الزوجية بين الزوجين بصورة شكلية مفتقدة أهم مقوماتها وهو الحب الذي يمثل العنصر الأول للسعادة الزوجية.
نقطة البداية
ونقطة البدء هنا تكون بالبحث عن شريك الحياة المناسب، وإليك بعض النقاط التي تساعدك على ذلك:
(1) صاحب دين وخلق :
إن أولى الصفات التي يجب على المرأة أن تبحث عنها في شريك حياتها هو التدين، والشخص المتدين هو الذي يخشى الله تعالى، ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه، وإن خشية المرء لله تعالى تمنعه من الظلم والتعدي والاستهانة بزوجته، فإذا أحب الشخص المتدين
زوجته أكرمها، وإذا كانت سيئة تستحق البغض لم يظلمها، وحاول بشتى الطرق إصلاحها وكثيراً ما ينجح في ذلك، لأن الإنسان يحب ويخضع لمن يحسن إليه ويعطف عليه.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من منع تزويج ذي الدين والخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وحسنه الألباني،.
أما تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الخلق بالذكر مع كونه من الدين، فإنه لأهميته في استمرار الحياة الزوجية واستقرارها، فالخلق هو الحاكم على التدين قوة وضعفاً، وقد يكون الرجل صاحب عبادات ظاهرة، إلا أن رصيده في جانب الأخلاق ضعيف، مما يدل على هشاشة تدينه وجهله بحقيقة الدين. قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " [رواه الحاكم و صححه الألباني].
(2) عاقل :
إن العقل هنا ليس هو الصفة المضادة للجنون، فالمراد به هنا: الحكمة في التعامل، والتريث قبل الحكم على الأشياء، والبصر النافذ بشتى الأمور والتصرفات، والإلمام بالدوافع التي تقف وراء الأفعال السيئة، والحلم الذي يرفض الاندفاع وراء باعث الغضب، والإنصاف الذي يأبى الظلم وينفر من الحيف، والنظرة المتوازنة لشتى الجوانب الإنسانية، إن رجلاً هذه صفاته لجدير بأن يكون زوجاً لك.
(3) عالم أو متعلم :
إن الجهل صفة ذميمة في أي إنسان، وإن الزوج الجاهل بطرق السعادة وقوانينها لا يمكن أن يقدم السعادة الزوجية لشريكة حياته. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: ((احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ".
(4) متبع غير مبتدع :
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [الحشر: 7]، وقال صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني " [متفق عليه].
إن أثر اتباع السنة على الحياة الزوجية يبدو جلياً من خلال تطبيق ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج في معاملة زوجاتهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" [رواه مسلم]، ومعنى لا يفرك: لا يبغض. وقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة " [رواه النسائي وابن ماجة]،
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " [رواه أبو داود وصححه الألباني].
(5) أهل للزواج :
وأهلية الزواج لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإنما تشمل:
أ- أهلية الدين.
ب- أهلية الوطء والقدرة على الجماع.
ج- أهلية العقل.
د- أهلية المال والقدرة على الإنفاق.
وماذا عنكِ أختاه؟!
* قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أي النساء أفضل؟
فقالت: التي لا تعرف عيب المقال ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
سعادتك في إيمانك
اعلمي- أختاه- أن الإيمان بالله تعالى هو ينبوع السعادة ومصدر السكينة والطمأنينة، وأن الشقاء والتعاسة والنكد الدائم والأحزان المتوالية في الإعراض عن الإيمان بالله والغفلة عن ذكره وشكره وحسن عبادته. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد: 28،، وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه: 124،.
يروي أحد الشباب المسلم المهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية أنه كان يعمل لدى صاحب أعمال وأموال يملك شركات بالولايات المتحدة، وكان صاحب الشركات كلما مر عليه وجده مبتسماً، تبدو عليه علامات السعادة، وكان صاحب هذه الشركات دائم الحزن والقلق والحيرة، فسأله صاحب الشركات عن سبب هذه الابتسامة التي تنم عن الفرح والسعادة؟
فقال: لأنني مسلم!
فقال له صاحب الشركات: لو أسلمت أجد هذه السعادة التي تحس بها؟
قال الشاب: نعم. فأخذه الشاب المسلم إلى أحد المراكز الإسلامية، فشهد شهادة الحق، ثم انفجر في بكاء شديد، فسئل عن سبب هذا البكاء فقال: لأول مرة في عمري أجد طعم السعادة. [طريق السعادة].
وصايا أم لإبنتها!
أوصت أم الخنساء ابنتها قبيل زواجها فقالت:
* أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً.
* أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً وذكراً.
* فأما الأولى والثانية: الصحبة له بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
* وأما الثالثة والرابعة: التعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
* وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه. فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
* أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، لأن الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال، ومراعاة الحشم والعيال من الإعظام والإجلال.
* أما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
* ثم اتقي- مع ذلك- الفرح بين يديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التذكير.
* وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
* وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
* واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت.
خطوات السعادة الزوجية
(1) تذكري أنك لست رجلاً:
كثير من الزوجات يفشلن في حياتهن الزوجية بسبب ما يسمى بعقدة الأنوثة وصاحبة هذه العقدة لا تعتز بأنوثتها، ولا تعترف لزوجها بقوامته وحقه الطبيعي في قيادة الأسرة، وهي دائماً تشعر أنه يستضعفها ويمارس عليها رجولته، فتحاول بدورها إثبات نديتها له، فينتج عن ذلك المشكلات التي تحول حياتهما إلى جحيم مستمر.
والواجب على هذه المرأة أن تعرف أن المرأة والرجل يكمل أحدهما الآخر، فعند الرجل مميزات ليست عند المرأة، وعند المرأة مميزات ليست عند الرجل، وأن قوامة الرجل على المرأة ليست قوامة إذلال واستفمعاف، وإنما هي قوامة قيادة وتدبير وحكمة وشفقة ورحمة ومودة، وبهذه القوامة تصل سفينة الحياة الزوجية إلى عش السعادة وبر الأمان.
(2) ابحثي عن الإيجاببات:
كثير من الزوجات لا يشعرن بسعادة في حياتهن الزوجية بسبب نظرتهن السلبية إلى أزواجهن، فهن لا ينظرن إلا في أوجه النقص والقصور، وقد تكون الجوانب الإيجابية في أزواجهن أكثر بكثير من الجوانب السلبية إلا أن النظرة السوداوية للأمور قد تخطت كل فعل جميل، ومالت إلى ما يشاكلها من الأفعال غير المرضية.
إن على الزوجة أن تبحث في إيجابيات زوجها وتعددها وتحمدها له وتحاول تنميتها، وعليها كذلك أن تتحمل نقاط الضعف وتتناساها، ولو أنها قابلت الإساءة بالإحسان لأثر ذلك في زوجها تأثيراً بالغاً، ولربما كان سبباً في تبدل أسلوبه معها، واستبدال تلك الصفات السلبية بأخرى إيجابية محمودة.
(3) تكدي من محبة زوجك لك:
إن هذا التأكيد مهم جداً في شعور الزوجة بالسعادة الزوجية، وكما أن على الزوج أن يؤكد محبته لزوجته بين حين وآخر، فإن على الزوجة أن تشعر نفسها بذلك أيضاً، وأن تحاول إيجاد الأسباب التي تؤكد لها محبته إياها، وأول هذه الأسباب هو رغبة زوجها في الزواج منها، فإن هذه الرغبة تدل على ميله إليها ومحبته لها، وكذلك استمراره في هذا الزواج يدل على ذلك، وكذلك نفقته عليها تدل على ذلك، وكذلك حرصه عليها وغيرته عليها وقيامه على مصالحها، كل ذلك يدل على محبة الزوج لزوجته.
(4) سعادتك في قناعتك:
كم من امرأة حرمت نفسها من السعادة الزوجية بسبب نظرها إلى ما عند الآخر وكثرة مطالبة زوجها بتوفير ما تراه هنا وهناك مما لا ضرورة له ولا حاجة، مع أنها تعلم أنه لا سبيل له إلى ذلك، وإذا رأت هذه المرأة زوجها عاجزاً عن تلبية ما تريد سقط من عينيها وأصبح في نظرها مثالاً للتواكل والكسل والسلبية.
ولو نظرت هذه المرأة بعين الإنصاف، لرأت جوانب كثيرة مشرقة في حياتها، وهذه الجوانب كفيلة بإسعادها لو أنها قنعت بمعيشتها ورضيت بما آتاها الله من فضله. ولقد كانت المرأة المسلمة قديماً تقف على عتبة بابها حينما يخرج زوجها إلى عمله فتقول له: اتق الله فينا، إياك إياك أن تأتينا بشيء من الحرام، فإننا نستطيع الصبر على الجوع، ولا نستطيع الصبر على النار.
فليس السعيد هو الذي ينال كل ما يرغب، لأن رغبات الإنسان لا تنتهي، فلا يزال ويتمنى حتى يصير مجندلاً في قبره ، إنما السعادة الحقيقية في القناعة والرضى قال الشاعر:
وإذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى وكان صحيحاً جسمه وهو في أمن
فقد ملك الدنيا جميعاً وحازها وحق عليه الشكر لله ذي المن
(5) سعادتك في ابتسامتك:
إن التجهم الدائم وعبوس الوجه يجلب للإنسان الهموم والغموم والأحزان، وقد يصاب الإنسان نتيجة ذلك بالشيخوخة المبكرة والأمراض الخطيرة.
أما البسمة، فإنها تبعث السعادة في النفس،وتزرع الأمل في القلب، وتبعث السعادة في قلوب الآخرين.
فأسعدي نفسك- أختاه- بالابتسام، وأشرحي به صدرك وصدور أسرتك وكل من يحيط بك.
قال صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
(6) اقبلي زوجك على ما هو عليه:
بعض الزوجات تريد تغيير طباع زوجها لتوافق مع طباعها، فتلجأ في سبيل ذلك إلى أسلوب النقد ظناً منها أنه أسلوب مفيد ومجد، وهي بذلك تتعب نفسها فيما لا يفيد، لأن كثرة النقد تولد العناد والإصرار على الخطأ- إن كان خطأ- فكيف إذا كان الزوج يرى أن أسلوبه في الحياة هو الأصوب؟
والأحسن للمرأة في ذلك أن تقبل زوجها على ما هو عليه، وأن تتقبل فكرة مخالفتها في بعض الطباع والتصرفات، فإنه لا يمكن أن يتفق اثنان في كل شيء، وإلا لكانا شخممآ واحدآ.
(7) لا توسعي رقعة الخلافات:
إن الخلافات الأسرية أمر طبيعي يمكن الاستفادة منه في معرفة المزيد من طبائع كل من الزوجين للأخر، ومن غير الطبيعي هنا أن تشعر المرأة أن الكارثة وقعت عند حدوث أي خلاف ولو كان بسيطاً، فتقوم عند ذلك بتوسيع رقعته والنفخ فيه، فتنشأ بسبب ذلك خلافات جديدة قد تكون أكبر وأعمق من الخلاف الأصلي الذي حدث أولا، ولو أن الزوجين لجأ ا إلى الحوار الهادي والمناقشة البناءة دون صراخ أو شجار لانتهى هذا الخلاف في دقائق معدودة ولم يعد له أثر، شريطة أن يحرص كل واحد منهما على إنهاء هذا الخلاف سريعاً دون تعنت أو إصرار .
(8) شاركي زوجك اهتماماته:
كلما كثرت نقاط الاتفاق بين الزوجين كلما كانت أسس بناء الحياة الزوجية بينهما متينة ولابد أن تكون السعادة الزوجية هي الثمرة الطبيعية لهذا الزواج.
والمرأة الحكيمة هي التي تبحث في اهتمامات زوجها وهواياته، وتقرر ممارسة تلك الاهتمامات والهوايات حتى تجتمع مع زوجها على أرضية مشتركة، فلا يكون هو في واد وهي في واد آخر، فمثلاً إذا كان الزوج يهوى القراءة في موضوعات معينة، دينية أو سياسية أو اقتصادية أو طبية، فإن الزوجة تجتهد في الاهتمام بذلك، ليس حباً في النقد والمجادلة وإظهار الذات، وإنما حباً في الزوج ورغبة في إسعاده، وطلباً لمشاركته الحديث حول هذه الموضوعات، ولكي تكون على نفس مستواه الثقافي والمعرفي، فيسعد بها، وتسعد الأخرى بما حصلته من معارف وعلوم.
(9) لا تحتفظي بذكريات الآلام:
كم كانت جميلة تلك الأيام التي تشعرين فيها بالسعادة مع زوجك، أليس زوجك السبب في تلك السعادة ؟
إذن فلماذا تنسين هذه الأيام الجميلة نتيجة وجود بعض الخلافات الطارئة؟
لماذا لم تحتفظي بذكريات السعادة؟
لماذا تجعلين في صدرك خزانة تحتفظين فيها بذكريات الآلام وتجتهدين في رصنها جنبا إلى جنب؟
أما كان من الأولى أن تلقي بهذه الذكريات المؤلمة خلف ظهرك، ولا تضعي في تلك الخزانة إلا كل فعل جميل وخلق نبيل؟
أين أنت من قول بعض السلف: خيركم من راعى وداد لحظة!!
لحظة واحدة من الوداد والصفاء لها حرمتها عند السلف فكيف بالساعات الحلوة والأيام الجميلة والليالي المشرقة؟
السعادة الزوجية حلم كل فتاة وامرأة.. السعادة الزوجية أمل يراود خاطر كل زوجة..
السعادة الزوجية مخرج من كل فتن الحياة ومشكلاتها وضغوطاتها..
السعادة الزوجية نبتة تحتاج إلى حماية ورعاية لكي تكبر وتثمر، وتقف في وجه الرياح العاتية..
السعادة الزوجية بناء كبير يحتاج إلى بناء ماهر يضع كل حجر في موضعه بدقة وإتقان.
مدخل
كثير من الزوجات لا يعلمن شيئاً عن قوانين السعادة الزوجية، ولا عن قواعد صناعتها، ولذلك فإنهن يتحطمن على صخرة الفشل الزواجي، فإما أن ينتهي الزواج بالطلاق والإنفصال، وإما أن يستمر الزوجان في زواجهما نتيجة ضغوط اجتماعية أو وجود أبناء يحتاجون إلى رعاية، فتبقى الحياة الزوجية بين الزوجين بصورة شكلية مفتقدة أهم مقوماتها وهو الحب الذي يمثل العنصر الأول للسعادة الزوجية.
نقطة البداية
ونقطة البدء هنا تكون بالبحث عن شريك الحياة المناسب، وإليك بعض النقاط التي تساعدك على ذلك:
(1) صاحب دين وخلق :
إن أولى الصفات التي يجب على المرأة أن تبحث عنها في شريك حياتها هو التدين، والشخص المتدين هو الذي يخشى الله تعالى، ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه، وإن خشية المرء لله تعالى تمنعه من الظلم والتعدي والاستهانة بزوجته، فإذا أحب الشخص المتدين
زوجته أكرمها، وإذا كانت سيئة تستحق البغض لم يظلمها، وحاول بشتى الطرق إصلاحها وكثيراً ما ينجح في ذلك، لأن الإنسان يحب ويخضع لمن يحسن إليه ويعطف عليه.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من منع تزويج ذي الدين والخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وحسنه الألباني،.
أما تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الخلق بالذكر مع كونه من الدين، فإنه لأهميته في استمرار الحياة الزوجية واستقرارها، فالخلق هو الحاكم على التدين قوة وضعفاً، وقد يكون الرجل صاحب عبادات ظاهرة، إلا أن رصيده في جانب الأخلاق ضعيف، مما يدل على هشاشة تدينه وجهله بحقيقة الدين. قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " [رواه الحاكم و صححه الألباني].
(2) عاقل :
إن العقل هنا ليس هو الصفة المضادة للجنون، فالمراد به هنا: الحكمة في التعامل، والتريث قبل الحكم على الأشياء، والبصر النافذ بشتى الأمور والتصرفات، والإلمام بالدوافع التي تقف وراء الأفعال السيئة، والحلم الذي يرفض الاندفاع وراء باعث الغضب، والإنصاف الذي يأبى الظلم وينفر من الحيف، والنظرة المتوازنة لشتى الجوانب الإنسانية، إن رجلاً هذه صفاته لجدير بأن يكون زوجاً لك.
(3) عالم أو متعلم :
إن الجهل صفة ذميمة في أي إنسان، وإن الزوج الجاهل بطرق السعادة وقوانينها لا يمكن أن يقدم السعادة الزوجية لشريكة حياته. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: ((احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ".
(4) متبع غير مبتدع :
قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [الحشر: 7]، وقال صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني " [متفق عليه].
إن أثر اتباع السنة على الحياة الزوجية يبدو جلياً من خلال تطبيق ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج في معاملة زوجاتهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" [رواه مسلم]، ومعنى لا يفرك: لا يبغض. وقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة " [رواه النسائي وابن ماجة]،
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " [رواه أبو داود وصححه الألباني].
(5) أهل للزواج :
وأهلية الزواج لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإنما تشمل:
أ- أهلية الدين.
ب- أهلية الوطء والقدرة على الجماع.
ج- أهلية العقل.
د- أهلية المال والقدرة على الإنفاق.
وماذا عنكِ أختاه؟!
* قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أي النساء أفضل؟
فقالت: التي لا تعرف عيب المقال ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
سعادتك في إيمانك
اعلمي- أختاه- أن الإيمان بالله تعالى هو ينبوع السعادة ومصدر السكينة والطمأنينة، وأن الشقاء والتعاسة والنكد الدائم والأحزان المتوالية في الإعراض عن الإيمان بالله والغفلة عن ذكره وشكره وحسن عبادته. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد: 28،، وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه: 124،.
يروي أحد الشباب المسلم المهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية أنه كان يعمل لدى صاحب أعمال وأموال يملك شركات بالولايات المتحدة، وكان صاحب الشركات كلما مر عليه وجده مبتسماً، تبدو عليه علامات السعادة، وكان صاحب هذه الشركات دائم الحزن والقلق والحيرة، فسأله صاحب الشركات عن سبب هذه الابتسامة التي تنم عن الفرح والسعادة؟
فقال: لأنني مسلم!
فقال له صاحب الشركات: لو أسلمت أجد هذه السعادة التي تحس بها؟
قال الشاب: نعم. فأخذه الشاب المسلم إلى أحد المراكز الإسلامية، فشهد شهادة الحق، ثم انفجر في بكاء شديد، فسئل عن سبب هذا البكاء فقال: لأول مرة في عمري أجد طعم السعادة. [طريق السعادة].
وصايا أم لإبنتها!
أوصت أم الخنساء ابنتها قبيل زواجها فقالت:
* أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً.
* أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً وذكراً.
* فأما الأولى والثانية: الصحبة له بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
* وأما الثالثة والرابعة: التعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
* وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه. فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
* أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، لأن الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال، ومراعاة الحشم والعيال من الإعظام والإجلال.
* أما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
* ثم اتقي- مع ذلك- الفرح بين يديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التذكير.
* وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
* وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
* واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت.
خطوات السعادة الزوجية
(1) تذكري أنك لست رجلاً:
كثير من الزوجات يفشلن في حياتهن الزوجية بسبب ما يسمى بعقدة الأنوثة وصاحبة هذه العقدة لا تعتز بأنوثتها، ولا تعترف لزوجها بقوامته وحقه الطبيعي في قيادة الأسرة، وهي دائماً تشعر أنه يستضعفها ويمارس عليها رجولته، فتحاول بدورها إثبات نديتها له، فينتج عن ذلك المشكلات التي تحول حياتهما إلى جحيم مستمر.
والواجب على هذه المرأة أن تعرف أن المرأة والرجل يكمل أحدهما الآخر، فعند الرجل مميزات ليست عند المرأة، وعند المرأة مميزات ليست عند الرجل، وأن قوامة الرجل على المرأة ليست قوامة إذلال واستفمعاف، وإنما هي قوامة قيادة وتدبير وحكمة وشفقة ورحمة ومودة، وبهذه القوامة تصل سفينة الحياة الزوجية إلى عش السعادة وبر الأمان.
(2) ابحثي عن الإيجاببات:
كثير من الزوجات لا يشعرن بسعادة في حياتهن الزوجية بسبب نظرتهن السلبية إلى أزواجهن، فهن لا ينظرن إلا في أوجه النقص والقصور، وقد تكون الجوانب الإيجابية في أزواجهن أكثر بكثير من الجوانب السلبية إلا أن النظرة السوداوية للأمور قد تخطت كل فعل جميل، ومالت إلى ما يشاكلها من الأفعال غير المرضية.
إن على الزوجة أن تبحث في إيجابيات زوجها وتعددها وتحمدها له وتحاول تنميتها، وعليها كذلك أن تتحمل نقاط الضعف وتتناساها، ولو أنها قابلت الإساءة بالإحسان لأثر ذلك في زوجها تأثيراً بالغاً، ولربما كان سبباً في تبدل أسلوبه معها، واستبدال تلك الصفات السلبية بأخرى إيجابية محمودة.
(3) تكدي من محبة زوجك لك:
إن هذا التأكيد مهم جداً في شعور الزوجة بالسعادة الزوجية، وكما أن على الزوج أن يؤكد محبته لزوجته بين حين وآخر، فإن على الزوجة أن تشعر نفسها بذلك أيضاً، وأن تحاول إيجاد الأسباب التي تؤكد لها محبته إياها، وأول هذه الأسباب هو رغبة زوجها في الزواج منها، فإن هذه الرغبة تدل على ميله إليها ومحبته لها، وكذلك استمراره في هذا الزواج يدل على ذلك، وكذلك نفقته عليها تدل على ذلك، وكذلك حرصه عليها وغيرته عليها وقيامه على مصالحها، كل ذلك يدل على محبة الزوج لزوجته.
(4) سعادتك في قناعتك:
كم من امرأة حرمت نفسها من السعادة الزوجية بسبب نظرها إلى ما عند الآخر وكثرة مطالبة زوجها بتوفير ما تراه هنا وهناك مما لا ضرورة له ولا حاجة، مع أنها تعلم أنه لا سبيل له إلى ذلك، وإذا رأت هذه المرأة زوجها عاجزاً عن تلبية ما تريد سقط من عينيها وأصبح في نظرها مثالاً للتواكل والكسل والسلبية.
ولو نظرت هذه المرأة بعين الإنصاف، لرأت جوانب كثيرة مشرقة في حياتها، وهذه الجوانب كفيلة بإسعادها لو أنها قنعت بمعيشتها ورضيت بما آتاها الله من فضله. ولقد كانت المرأة المسلمة قديماً تقف على عتبة بابها حينما يخرج زوجها إلى عمله فتقول له: اتق الله فينا، إياك إياك أن تأتينا بشيء من الحرام، فإننا نستطيع الصبر على الجوع، ولا نستطيع الصبر على النار.
فليس السعيد هو الذي ينال كل ما يرغب، لأن رغبات الإنسان لا تنتهي، فلا يزال ويتمنى حتى يصير مجندلاً في قبره ، إنما السعادة الحقيقية في القناعة والرضى قال الشاعر:
وإذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى وكان صحيحاً جسمه وهو في أمن
فقد ملك الدنيا جميعاً وحازها وحق عليه الشكر لله ذي المن
(5) سعادتك في ابتسامتك:
إن التجهم الدائم وعبوس الوجه يجلب للإنسان الهموم والغموم والأحزان، وقد يصاب الإنسان نتيجة ذلك بالشيخوخة المبكرة والأمراض الخطيرة.
أما البسمة، فإنها تبعث السعادة في النفس،وتزرع الأمل في القلب، وتبعث السعادة في قلوب الآخرين.
فأسعدي نفسك- أختاه- بالابتسام، وأشرحي به صدرك وصدور أسرتك وكل من يحيط بك.
قال صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
(6) اقبلي زوجك على ما هو عليه:
بعض الزوجات تريد تغيير طباع زوجها لتوافق مع طباعها، فتلجأ في سبيل ذلك إلى أسلوب النقد ظناً منها أنه أسلوب مفيد ومجد، وهي بذلك تتعب نفسها فيما لا يفيد، لأن كثرة النقد تولد العناد والإصرار على الخطأ- إن كان خطأ- فكيف إذا كان الزوج يرى أن أسلوبه في الحياة هو الأصوب؟
والأحسن للمرأة في ذلك أن تقبل زوجها على ما هو عليه، وأن تتقبل فكرة مخالفتها في بعض الطباع والتصرفات، فإنه لا يمكن أن يتفق اثنان في كل شيء، وإلا لكانا شخممآ واحدآ.
(7) لا توسعي رقعة الخلافات:
إن الخلافات الأسرية أمر طبيعي يمكن الاستفادة منه في معرفة المزيد من طبائع كل من الزوجين للأخر، ومن غير الطبيعي هنا أن تشعر المرأة أن الكارثة وقعت عند حدوث أي خلاف ولو كان بسيطاً، فتقوم عند ذلك بتوسيع رقعته والنفخ فيه، فتنشأ بسبب ذلك خلافات جديدة قد تكون أكبر وأعمق من الخلاف الأصلي الذي حدث أولا، ولو أن الزوجين لجأ ا إلى الحوار الهادي والمناقشة البناءة دون صراخ أو شجار لانتهى هذا الخلاف في دقائق معدودة ولم يعد له أثر، شريطة أن يحرص كل واحد منهما على إنهاء هذا الخلاف سريعاً دون تعنت أو إصرار .
(8) شاركي زوجك اهتماماته:
كلما كثرت نقاط الاتفاق بين الزوجين كلما كانت أسس بناء الحياة الزوجية بينهما متينة ولابد أن تكون السعادة الزوجية هي الثمرة الطبيعية لهذا الزواج.
والمرأة الحكيمة هي التي تبحث في اهتمامات زوجها وهواياته، وتقرر ممارسة تلك الاهتمامات والهوايات حتى تجتمع مع زوجها على أرضية مشتركة، فلا يكون هو في واد وهي في واد آخر، فمثلاً إذا كان الزوج يهوى القراءة في موضوعات معينة، دينية أو سياسية أو اقتصادية أو طبية، فإن الزوجة تجتهد في الاهتمام بذلك، ليس حباً في النقد والمجادلة وإظهار الذات، وإنما حباً في الزوج ورغبة في إسعاده، وطلباً لمشاركته الحديث حول هذه الموضوعات، ولكي تكون على نفس مستواه الثقافي والمعرفي، فيسعد بها، وتسعد الأخرى بما حصلته من معارف وعلوم.
(9) لا تحتفظي بذكريات الآلام:
كم كانت جميلة تلك الأيام التي تشعرين فيها بالسعادة مع زوجك، أليس زوجك السبب في تلك السعادة ؟
إذن فلماذا تنسين هذه الأيام الجميلة نتيجة وجود بعض الخلافات الطارئة؟
لماذا لم تحتفظي بذكريات السعادة؟
لماذا تجعلين في صدرك خزانة تحتفظين فيها بذكريات الآلام وتجتهدين في رصنها جنبا إلى جنب؟
أما كان من الأولى أن تلقي بهذه الذكريات المؤلمة خلف ظهرك، ولا تضعي في تلك الخزانة إلا كل فعل جميل وخلق نبيل؟
أين أنت من قول بعض السلف: خيركم من راعى وداد لحظة!!
لحظة واحدة من الوداد والصفاء لها حرمتها عند السلف فكيف بالساعات الحلوة والأيام الجميلة والليالي المشرقة؟